21 سبتمبر 2011

نفايات الفضاء ومهملات البشر



 
 الحمدلله. جلست أقرأ هذا التقرير عن قمر اصطناعي منتهي الصلاحية يتوقع أن يسقط على الأرض لكن من المستبعد أن يسبب أضراراً، وغير ذلك من الحقائق المتعلقة بالحدث. وكذلك كيف تعمل وكالة الفضاء الأمريكية على تعديل مسارات الأقمار البالية أثناء مرورها بالغلاف الجوي بإطلاق صواريخ ملحقة بهذه الأقمار وجوانب فنية أخرى حول متابعة سقوط هذه الأقمار والسعي في توجيهها بعيداً عن السكان. أما هذا القمر، فقد نفذ وقوده فلن يمكن التحكم في مساره، لكن ذلك لا يسبب قلقاً لدى الخبراء، فالقمر الذي يزن 6 أطنان سيحترق عند اختراق الغلاف الجوي فلا يبقى منه إلا بعض القطع والشظايا المتناثرة، ومن المستبعد أن تشكل هذه خطراً على أحد.

لكن لا يخلو الأمر من قرارات صعبة سوف تواجهها وكالة الفضاء الأمريكية عند انتهاء صلاحية أجرام اصطناعية أخرى في المستقبل، وعلى وجه الخصوص يوم أن تُحال إلى التقاعد محطة الفضاء التي يبلغ وزنها 460 طناً … إلى آخر تلك المعلومات الشيقة التي جعلتني أعجب بقدر الجدية الذي يواكب العمل إلى حد تكريس جهود بحثية وتقنية في كيفية التعامل مع المعدات حتى بعد انتهاء مهمتها، وكذلك احترمت درجة المسئولية التي يتحلى بها العاملون في هذه المشاريع تجاه سكان كوكبهم.

وبينما أنا أحلق في أفاق التقدم العلمي والإنجاز العملي وقد قاربت الساعة من الثانية صباحاً، اخترق الغلاف الصوتي لشرفتي أصوات حوافر جواد، يتهادى، ولو أنه في الحقيقة حمار .. فتراءت في مخيلتي صورة الشارع حيث تقف عربة يجرها حمار أمام كوم القمامة -الملاصق لمحطة الترام التي تعمل أيضاً كمرحاض عمومي-  ويقوم إنسان بائس بتكديس الأوراق والكرتون المستخلص من قمامة البشر بداخل جدرانٍ كرتونية متسخة نصبت فوق العربة، حتى إذا جمع الإنسان البائس ما تيسر له من مخلفات تباع بثمن بخس نقب عنها خلال زبالة القوم، انتقل إلى كوم قمامة آخر، فيتهادى حماره يطرقع حوافره في جوف الليل، حتى إذا وصل إلى مسامعي، هبطت أفكاري من عنان الفضاء ورحابة الكون إلى كآبة الطرقات وشقاء البؤساء.

فما بين النفايات الفضائية والمهملات البشرية امتلأ فؤادي بالحسرة على ضياع الهمم بين خير الأمم ..
ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ليست هناك تعليقات: