رغم مرور أربعين سنة أو يزيد على هذه القصيدة
للشاعر المصري محمود غنيم (1901 - 1972)
فكأنها لا تزال تدعونا إلى التأمل.
___
مالي وللنجم يرعاني و أرعاهُ *** أمسى كلانا يعاف الغمض جفناهُ
لي فيك يا ليل آهات أرددها *** أواه لو أجدت المحزون أواهُ
لا تحسبني محباً يشتكي وصباً *** أهوَن بما في سبيل الحب ألقاه
أني تذكرت والذكرى مؤرقة *** مجداً تليدا بأيدينا أضعناهُ
ويح العروبة كان الكون مسرحها *** فأصبحت تتوارى في زواياه
أنى اتجهت للإسلام في بلد *** تجده كالطير مقصوصاً جناحاه
كم صرفتنا يدٌ كنا نصرفها *** وبات يملكنا شعب ملكناهُ
هل تطلبون من المختار معجزة *** يكفيه شعب من الأجداث أحياه
مَنْ وحد العرب حتى صار واترهم *** إذا رأى ولد الموتور آخاه
وكيف ساس رعاة الشاة مملكة *** ما ساسها قيصر من قبل أو شاهُ
ورحب الناس بالإسلام حين رأوا *** أن الإخاء وأن العدل مغزاه
يا من رأى عمراً تكسوه بردته *** والزيت أدم له والكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً *** من بأسه وملوك الروم تخشاه
هي الحنيفة عين الله تكلؤها *** فكلما حاولوا تشويهها شاهوا
سل المعالي عنا إننا عرب *** شعارنا المجد يهوانا ونهواهُ
هي العروبة لفظ إن نطقت به *** فالشرق والضاد والإسلام معناه
استرشد الغرب بالماضي فأرشده *** ونحن كان لنا ماضٍ نسيناه
إنا مشينا وراء الغرب نقتبس من *** ضيائه فأصابتنا شظاياه
بالله سل خلف بحر الروم عن عرب *** بالأمس كانوا هنا ما بالهم تاهوا
فإن تراءت لك الحمراء عن كثبٍ *** فسائل الصرح أين المجد والجاهُ
وانزل دمشق وخاطب صخر مسجدها *** عمن بناه لعل الصخر ينعاه
وطف ببغداد وابحث في مقابرها *** عل امرءاً من بني العباس تلقاه
أين الرشيد وقد طاف الغمام به *** فحين جاوز بغداد تحداه
هذي معالم خرس كل واحدة *** منهن قامت خطيباً فاغراً فاهُ
الله يشهد ما قُلِّبت سيرتهم *** يوماً وأخطأ دمع العين مجراه
ماضٍ نعيش على أنقاضه أمماً *** ونستمد القوى من وحي ذكراه
لا دُر در امرئ يطري أوائله *** فخراً ، ويطرق إن ساءلته ما هو ؟
أني لأعتبر الإسلام جامعة *** للشرق لا محض دين سنه الله
أرواحنا تتلاقى فيه خافقة *** كالنحل إذ يتلاقى في خلاياه
دستوره الوحي والمختار عاهله *** والمسلمون وإن شتوا رعاياه
لاهُمّ قد أصبحت أهواؤنا شيعاً *** فامنن علينا براع أنت ترضاه
راع يعيد إلى الإسلام سيرته *** يرعى بنيه وعين الله ترعاهُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق