مرت الجمعة بسلام، وتغير المشهد السياسي -وهذا موضوع لمقال آخر- لكن أعلق هنا على مرور جمعة ٧/٢٩ بسلام.
وصلت الميدان وقت صلاة الفجر برفقة مجموعة من الشباب من أروع شباب مصر -ولا أزكي على الله أحداً- وكنا غادرنا الإسكندرية مساء الخميس بعد صلاة العشاء. افترشنا الأرض في مقابلة منصة الدعوة السلفية وسط حشود من جميع محافظات مصر لا تقل عن خمسة عشر إلى عشرين ألفاً في هذه المساحة فقط، ذلك واليوم لم يبدأ فعلياً بعد.
مرت الجمعة بسلام رغم محاولات استفزاز متكررة شاهدتها بنفسي. فقد ترك هذا الحشد الذي افترش الأرض ممراً لعبور الآخرين، وكانت تمر في هذا الممر بين الحين والحين مظاهرة هزيلة لا يزيد أفرادها عن عشرين شخصاً يحملون شاباً يهتف بهتافات تستفز هؤلاء المحتشدين بوسائل شتى بجرأة يحسدون عليها. وكان المحتشدون في معظم الأحيان يتركونهم لشأنهم غير مبالين، فيعيد هؤلاء الكرة ربما بعد عشر دقائق أو نحو ذلك، حتى إذا زاد الاستفزاز ربما يبدأ بعض المحتشدين بالوقوف والرد عليهم، فينطلق صوت مكبر الصوت من المنصة اتركوهم لشأنهم ويطلب عدم ترديد الهتافات إلا مع المنصة، فيجلس الجميع، ثم يبدأ المنادي من المنصة يهتف "إيد واحدة"، فيرد الجمهور بصوت يزلزل الأرض "إيد واحدة"، وهكذا عدة مرت، ثم "الله أكبر" فتسمع من الجمهور "الله أكبر" تهتز لها الأرض، ثم "لا إله إلا الله" من مكبر الصوت، فيرتج المكان بصوت "لا إله إلا الله"، ثم تنظر إلى الزمرة الأخرى فترى شفاة تتحرك قد غرق صوتها وسط هذا البحر الهدار.
تمر هذه المسيرة الصغيرة وقد فشلت في محاولتها لإحداث فتنة تشوه سمعة هذا التجمع الإسلامي. وبعد قليل تمر نفس المجموعة أو شبيهتها من جديد. وظل هذا المشهد يتكرر ويخيب ظن هذه الشلل مرة بعد أخرى حتى توقفوا عن محاولاتهم إما لتيقنهم من انضباط هذا الحشد من السلفيين أو لنفاذ جهدهم وسط حرارة الشمس التي صعدت على سماء التحرير.
من المضحك أن يدعي هؤلاء بعد ذلك انسحابهم من التحرير لتجنب العنف والعداء، وفي الواقع أن الكثير منهم انسحب لما يئسوا من محاولات استثارة العنف والعداء.
ذلك ما شاهدته بعيني ولم أسمع به من أحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق