تنتشر هذه الأيام صور مفجعة عن اضطهاد المسلمين في بورما ويطلب ناشرو هذه الصور من القارئ أن "يعمل شير" أو يروج هذه الصور من أجل نصرة إخوانهم المضطهدين. أنا مع دعم المسلمين المضطهدين في كل مكان بالتأكيد ونصرة المظلوم بصفة عامة. لكني أجد صعوبة في تصديق أكثر الصور التي أراها، إضافة إلى قناعتي بأن نشر الصور المفجعة لا يفيد أي قضية، بل بالعكس يضرها وينفر الناس منها إلا فيما ندر.
الكثير من هذه الصور تلقي الرعب في النفوس وقد تسبب عقداً للأطفال، والبعض منها يخدش حياء النساء والأطفال، وأكثرها ينتهك حرمة الموت. وفوق ذلك، فهي تنشر عادة بدون دليل على صحتها أو إشارة إلى مصدرها، فقد تصبح كاذباً إذا ساعدت على نشر إحدى هذه الصور، وفي الحديث "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع". ثم هل يصح أن ننصر حقاً بكذب؟
واليوم رأيت إحدى هذه المداخلات على الفيس بوك وكانت صورة لرهبان بوذيين أمام عدد كبير من جثث عرايا منكفئة على وجهها وكأنها تعد للحرق وتحتها العبارات المعتادة عما يتعرض له المسلمون في بورما وتطالب من يرى الصور بأن "يعمل شير".
مشهد الصورة كان صعب التصديق كالعادة ورغم أني أتجاهل هذه المداخلات في العادة، لكني قررت أن أتقصى الأمر، فاستخدمت خدمة البحث عن الصور في جوجل ووجدت أن هذه الصورة ترجع إلى العام 2011 وكانت قد حازت على المرتبة الثانية في مسابقة للتقارير المصورة.
فماذا كانت حقيقة الصورة إذن؟ الصورة كانت لمشهد الرهبان البوذيين وهم يعدون جثث ضحايا زلزال وقع عام 2011 لمناسك حرق الموتى، وهو أحد بدائل البوذيين للدفن. وهنا أتسائل، لابد وأن الذي أحضر الصورة في أول الأمر وبدأ توزيعها كان يعلم حقيقتها، فهل كان يظن أنه يعمل عملاً صالحاً بصنيعته هذه؟ لا أعلم، لكن ما أعلمه أنه لو تعامل الجميع مع هذه المداخلات بشيء من الوعي فتجاهلوها لما راجت هذه الصور الكاذبة.
هناك تعليق واحد:
مشكووووور
إرسال تعليق