هل من أهل مصر من كان يظن في مطلع هذا العام أنه لن يمر على هذه الأرض الطيبة المثقلة بالهموم والشجون شهران إلا وقد زالت رؤوس الطغمة الغاصبة التي أفسدت في هذا الوطن واستباحت خيراته واستخفت بأبناءه فامتهنت كرامة الإنسان وحبست أحلامه وأحبطت أماله؟ بل من كان يظن أنه لن يحل الشهر الثالث من العام الجديد إلا وقد انشغل أهل مصر بالجدل والحوار حول التصويت في استفتاء نزيه مرتقب لم يشهد أكثرنا مثله في هذه البلاد من قبل؟ فالحمدلله الذين جعل في أبناء هذا الوطن من هب ثائراً على الظلم والفساد فانتفض معه سائر الوطن ثائراً، ثم جعل الثورة ماضية عارمة عاتية بالقدر الذي جعل رجال الجيش يرون بجلاء في أي جانب تكمن الشرعية التي تعاهدوا على حمايتها. فكانت الإرهاصات وكانت الثورة، ثم جاءت الحرية. حضرت الحرية وعاد معها غائب عزيز وذلك حق الاختيار. عاد للمواطن المصري حق الاختيار يجسد شعوره بأنه استعاد وطنه واسترد حق المشاركة في تقرير مصيره ومستقبل أبناءه.
ومع الاختيار حضرت أيضاً الحيرة. والآن وقد أوشك موعد الاستفتاء على الحلول، وهو السبت ١٩ مارس، يتعين على كل مواطن مصري أن يبني على ما جمع من معلومات وسمع من حوارات فيتوكل على ربه ويحزم أمره ويتخذ قراره إما بنعم وإما بلا على التعديلات الدستورية المقترحة. هذا ما فعلت وقد عقدت العزم على التصويت بنعم لوجه الله تعالى ولصالح الوطن، وذلك اعتقاداً مني بأن الخطوات المترتبة على هذه التعديلات هي الجسر الذي سيفضي بالبلاد إلى المرحلة التي نأمل جميعاً أن يسترد فيها الوطن عافيته والمواطن كرامته بما يهيء مناخاً سياسياً يعمل فيه الجميع على إعادة بناء دولة العدل والأمن فتعود إلى مصر نهضتها وتتبوأ مكانها الطبيعي بين الأمم، وليس ذلك على الله بعزيز.
يعلم الله وحده أي القرارين هو الأصوب، وإنما على كل منا أن يتدبر قراره بموضوعية وتجرد ما أمكنه ذلك. موضوعية تعينه على تجاوز الأشخاص والجماعات والعواطف إلى المعطيات والنتائج، وتجرد يعينه على تجاوز المكاسب الضيقة وعصبيات الانتماء إلى المصلحة العامة والرؤية الشاملة. لكننا مهما جاهدنا أنفسنا فسيعتري منهجنا بعض القصور وسيشوب حكمنا شيء من الهوى، وهنا تكمن أهمية مشاركة الجميع في عملية الاختيار حتى يعادل الصواب من جانب أحدنا القصور في جانب آخر، ولعل الله يوفقنا مجتمعين للوصول إلى المحصلة الأصلح لنا المعبرة عن اختيارنا الجمعي. ويترتب على هذه الحقيقة أن يحسن كل منا الظن بالآخر وإن خالفه الرأي، وأن يرضى كل منا بنتيجة الاستفتاء ولو جاءت مخالفة لصوته.
ومن سبيل المشاركة وتبادل الرأي فيما نراه خيراً لبلدنا سأتابع بمقال آخر إن شاء الله أعرض فيه الأسباب التي بنيت عليها الموافقة على التعديلات الدستورية مع استعراض الرأي المخالف.
هناك 6 تعليقات:
كلنا في حيرة من أمرنا يا باشمهندس علاء ولكن الموافقة هي الأصوب في رأي المتواضع في الوقت الحالي حتى تتحرك المياه الراكدة. ومهما حدث فالمصريون زال الخوف من نفوسهم.
المهم في الأمر يا أستاذنا هو كيفية إصلاح النفوس، نفوس هذا الشعب الذي أرى أن الفساد نخر في جل عظامه لأننا ما زلنا حتى اللحظة نرى سلوكيات مشينة مثل البلطجة ومحاولات التعدي الجائرة بل وحتى الممارسات البذيئة مثل السير في عكس الاتجاه والتشاجر على أتفه الأسباب وغيره الكثير.
يا أهل مصر ويا محبي الوطن عليكم بالاعتصام بدين الله وكلماته وتغيير أنفسكم. كل منكم ينشغل بتطوير نفسه وأهل بيته وإصلاح الذات بل ومساءلتها ومحاسبتها مع انتهاء كل يوم. فمثلا يسأل المرء نفسه ماذا عملت اليوم وما مدى النجاح أو الإخفاق في عملي وكيف أطور نفسي وأرتقي بها وكيف أخدم المجتمع وأحب الآخرين وأمد لهم يد العون وكيف أحسن تربية أولادي ليكونوا رجالا ونساء يعرفون معنى العزة والكرامة والتعبير عن الرأي دون التسفيه من آراء الآخرين وغير ذلك الكثير.
القضية هنا يا سادة هي تطوير النفس والمجتمع من الجذور وليس من قمة الهرم فإن تحقق هذا الهدف ولى الله علينا من هو أهل لنا، فمن المستحيل أن نطلب خيار القوم وأتقاهم والسوس يدب في أوصالنا.
لا أعلم إن كان هذا الرأي يروق للكثيرين ولكنني مؤمن به وأحاول تطبيقه.
والله ولي التوفيق وهو أعلى وأعلم.
أخوكم سامح رجب
جمال - واحد تعرفه
قبل ان ابدى راى فى هذا الموضوع احب ان اسجل الآتى اولا:
انا ارى ان الله من علينا فى مصر ببعض الكرامة والقليل من الهناء وانه ولابد قد استجاب لأحد الصالحين الذين يعرفهم ويحبهم لَما دعاه بأن يخلصنا من الطغيان والفساد. أنا شخصيا لا اأمن لظنى، واطلب من جموع المؤمنين أن تستمر مسيرتهم الى الله وأن يتحلوا بالتقوى فى كل الأوقات. هل صلى كل واحد منا ركعتين شكر للعاطى؟ حتى يحفظ علينا نعمته ويبارك لنا فيها؟
اما بالنسبة للاستفتاء فبالرغم من عدم رضاى عن التعديل لهزالته وضعفه فاننى مستعد لقبول اى نتيجة. ذلك لأننى اظن انه فى جميع الأحوال، سيكون هناك فسحة من الوقت لدراسة دستور اخر دائم احسن من هذا ومن كل دساتير الدنيا (ان شاء الله).
والذى لا يمكننى ان اقبله فى امر الإستفتاء هو شيئين:
الأول هو عدم خروج عشرات الملايين، واكرر عشرات الملايين، للادلاء بالصوت وتقاعسهم أو تزاحمهم او عدم وجود صبر لديهم من مشاكل تجربة الديموقراطية الجديدة على مصر (ربما لأول مرة فى تاريخك يا بلد) او الشكوى عن الغير مهم أو الانصياع للاشاعات أو .. او .. اظن ان الفكرة وصلت.
والشئ الآخر هو عدم قبول البعض او الكثير بنتائج العملية الأنتخابية. فأنا اتوقع البعض او الكثير من الخلل. واشجع الجميع على توضيحه حتى يتسنى للمسؤولين ان يأتوا بنظم اكمل واكثر انضباطا فى المرات التالية. فانتخابات رئيس الجمهورية القادمة اهم بكثير فى رايي من هذا الاستفتاء والانتخابات البرلمانية فى رايي اهم من الأثنين.
الله لك يا مصر .. واتضرع الى الله ان يكتب غلبة المؤمنين على اعداءه اعداء الدين على ايدينا فنكسب الثواب العظيم ويغفر لنا سوء اعمالنا فننجوا.
وعلى رأى حسنى مبارك وعمر سليمان: الله الموفِق وهو المستعانز
أحب أوضح للناس اللي بتفكر تصوت بنعم بحسن نيه علي أساس ان ده حيسرع الانتقال الي الديمقراطيه و يساعد علي التركيز علي الاصلاح و الانتاج و يخلينا نخلص من الازمه اللي أحنا فيها ، انه بغض النظر عن مدي كفاءة و جدوي التعديلات التي عليها تحفظات كبيره ، فإن التصويت بنعم معناه ان نقوم بالخطوات الاتيه خلال ١٨ شهر: ١- الاستفتاء علي التعديلات الدستوريه ٢- انتخابات مجلس شعب ٣- انتخابات مجلس شوري ٤- انتخابات رئيس جمهوريه- بالصلاحيات القديمه ٥- انتخاب لجنه تأسيسيه لتعديل الدستور ٦ - الاستفتاء علي الدستور الجديد ٧- حل مجلس الشعب و الشوري مره أخري ٨- انتخابات مجلس شعب - حسب الدوائر واللوائح الجديده ٩-انتخابات مجلس شوري - حسب الدوائر واللوائح الجديده ١٠-انتخابات رئيس جمهوريه - بالصلاحيات الجديده.
إذا كانت هذه الإجراءات ستؤدي الي التحرك للإمام بسرعه و التركيز علي الانتاج فانا أؤيد التصويت بنعم و لكن الحقيقه أن القائمه الطويله أعلاه ستؤدي الي حاله اكبر من الفوضي والتشتت وكل الإجراءات من ١-٥ لن تفرز قيادات أو ممثلين حقيقيين عن الشعب نتيجة للتعجل و عدم الاستمراريه لأي فتره ذات معني تتيح أي إنجاز ذلك طبعا ناهيك ان الشعب كله مش حيبقي له لا شغله ولا مشغله إلا الانتخابات و الاستفتاءات و طبعا تعطل لعجلة الانتاج. لذلك أنا أقترح التصويت بلا ، حتي نختصر الوقت فعلا و نبني علي قاعده سليمه و دستور جديد يحقق طموح الثوره. ياسر
أخي العزيز سامح، أشكرك وأتفق معك على ضرورة تغيير السلوكيات. اتضح الآن أن النظام السابق كان سبب الانسداد في كل مناح العمل العام وكان يختلق أسباب الاختناق بين مختلف فئات الشعب. ربما رأيت بعض المستندات التي وجدت في مقار أمن الدولة التي تحذر من حدوث وفاق بين الإخوان والسلفيين على سبيل المثال وتوضح سبل إبقاء الشقاق وإذكاءه بينهم. مع زوال النظام والعمل على إزالة بقاياه ستزول أسباب الانسداد ونسأل الله أن ينجح المصلحون في تغيير سلوكيات المجتمع إن شاء الله، لكن لا تنتظر تغييراً بين يوم وليلة.
السلام عليك أخي جمال، وكنت أود أن أعرف أي جمال ولكن أشكرك على مداخلتك وأضم صوتي إليك ولعل بعض الذي تمنيت قد تحقق وأحسبك جاسراً.
عزيزي ياسر، ربما تكون وجدت إجابتك في تدونيت اللاحقة والتي تجاوزتها الأحداث على أي حال. أشكرك على المتابعة.
إرسال تعليق