كان من المعلوم مسبقاً أن الحزب الحاكم ينوي أن يفعل بانتخابات مجلس الشعب ما فعل ليهيمن تماماً على الحياة النيابية في الفترة الحيوية القادمة وليقلص من حجم المعارضة، والإخوان بصفة خاصة. لكن حسابات قيادات الحزب الحاكم كانت خاطئة حين تفوق على نفسه –حرفياً- في الجولة الأولى إلى الدرجة التي لاح لهم فيها شبح برلمان هو أشبه باللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي في عصر مضى. وكان رد فعل ذلك هو الخروج من الورطة بأساليب هي أجدر بموسوعة جينس منها بسجلات الممارسات السياسية. فما سمعنا من قبل ولا رأينا سلطة حاكمة تقوم بالتأثير على العملية الانتخابية وتزوير نتائجها في عدد من الدوائر لحساب المعارضة وضد مرشحيها. وذلك بالطبع حتى يتستر البرلمان الجديد ببعض وريقات التوت هي بضعة مقاعد برلمانية هزيلة لمعارضين ينجحون بفضل جهود الحزب الحاكم -ولأول مرة- على حساب سخط أعضاء الحزب نفسه الذين خسروا "مشروعهم الاستثماري" في تلك الدوائر. ومعلوم أن العمل النيابي عند البعض هو خدمة عامة وعند نواب الحزب الوطني مشروع استثماري، مما يفسر درجة العنف التي شوهدت في الدوائر التي اشتدت فيها المنافسة بين أعضاء الحزب الوطني نفسه .. لكن هذا موضوع آخر.