قيل أن الفتنة طريق مظلم، وهي كذلك. وهو أيضاً طريق مليء بالمصائب والأهوال. من معضلات الفتن أن المنخرطين فيها يظنون أنهم ينتصرون لحق أو يردون ظلماً أو يصححون باطلاً وهم لا يدركون أنهم يفتحون بوابات على جرف هارٍ لا مكان فيه لحقوق أو عدل أو منطق.
وهناك معضلة أكبر، فالبيئة التي تنمو فيها الفتنة تفتقر إلى العقل والشجاعة والصراحة اللازمة لتحديد أسبابها وتجنبها فضلاً عن معالجتها. للأسف فإن هذا هو حالنا اليوم. كل ما قيل وما تردد ما هو إلا تكرار لنفس الأفكار والعبارات والتحليلات التي يشعر الناس أنها لابد أن تقال حين تحل الفتن بمصائبها. الاستنكار والحزن والغضب، هو بالطبع في محله. أما محاولة فهم أسباب الفتنة وتحليلها للوصول إلى جذورها، فهي تائهة في غياهب الوعي المصري المرتهن إما لعاطفة ساذجة أو أجندات ماكرة.